بسم الله الرحمن الرحيم
الحياءُ خلقٌ فاضل، يبعثُ على طلب المعالي والترفع عن السفاسف والدنايا، سيما بحضرة الآخرين .
وقد كان نبينا- عليه الصلاة والسلام- مثالاً يُحتذى في هذا الخُلُق العظيم ، حتى كان أشدُّ حياءً من العذراء في خدرها ، وكان من حديثهِ الثابت في الصحيح قوله : (( إنّ مما أدرك الناس من كلام النبوة الأولى إذا لم تستحي فاصنع ما شئت)) ومرّ- عليه السلام- على رجلٍ يعظُ أخاهُ في الحياء، فقال : (( دعه فإنّ الحياء لا يأتي إلاَّ بخير)) .
ومن عيون الشعر :
إذا لم تَصُن عِرْضاً وتخش خالقاً ولم وتستحِ مخلوقاً فما شئتَ فاصنعِ
حين أتأملُ في واقع مجتمعنا الإسلامي اليوم، وما آلت إليه أحوالُ كثيرٍ من الناس، من قلة الحياء، وعدم اكتراثٍ بسمعتهم أمام الآخرين .
مثال على ذلك الموظفُ المستخف بطوابير المراجعين ، المتأبطُ صحيفته، خارجاً من دائرة عمله إلى مصالحه الشخصية، دون اكتراثٍ بمشاعر الناظرين إليه ذهولاً أو حنقاً ، أتظنهُ يحتفظ ولو برصيدٍ قليلٍ من الحياء، يحجزه عن الفعل اللامسئوول ؟!
وتلك المرأة المتبرجة المتعطرة، الذارعة الأسواق طولاً وعرضاً، تضاحك هذا، وتمازحُ ذاك من الباعة وغيرهم، وتفتن عباد الله ممّن لا يحتاجون كبير جهدٍ أصلاً، للوقوع في شَرَك الفتن، وأجا بيل الهوى، أيظن ظان أنّ مثل هذه تعرف الحياء، أو ذاقت له طعماً ؟ !
وذلك الشاب الذي يشعل سجارته امام اشخاص يعرفهم بانهم ملتزمون ومع ذلك لايراعي شعورهم..
وذلك الرجل الذي يزور المراكز التجارية لا شيء بس ليتفرس على وجوه النساء..
واذا جئنا نتصفح مناهج التعليم، لترى بنفسك كم هو مهمشٌ ذاك الخلق الرفيع وأمثاله، على صفحات مناهجنا، فألفيت طلاباً أغراراً، لا يوقرون معلماً، ولا يبّرون والداً أو والدة .
ودونك مقاعد فصولهم ، وحوائط مدارسهم ، ناطقةً بمنتهى ما لديهم من العلم والأخلاق !!
وغيرها من المواقف التي يدنى لها الجبين
فإلى متى تظلُّ أخلاقنا الاجتماعية آخذةً في الانحدار، على حساب قيمنا ومبادئ ديننا العظيم .